مستقبل التجارة الالكترونية

مستقبل التجارة الاليكترونية

مستقبل التجارة الاليكترونية
بعد أزمة "الأوف لاين"

ألقت أزمة انقطاع الانترنت ـ التي ضربت منطقة الشرق الأوسط مؤخرا ـ بظلالها على كافة المجالات مما فتح الباب للحديث عن حجم الآمال المنعقدة على ما يعرف بالتجارة الإليكترونية ، وتباينت وجهات نظر خبراء الاقتصاد حول مستقبل هذه التجارة خاصة على المستوى العربي في ضوء التوقف المفاجئ الذي أصاب الشبكة العنكبوتية ، وان كانت تلك الخدمة عربيا مازالت لا تمثل في أفضل الأحوال أكثر من 1% من أجمالي حجم التجارة الاليكترونية عالميا .

محيط ـ كريم فؤاد وشيرين حرب

فيرى الدكتور حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد والعميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن التجارة الالكترونية عربيا تأثرت بصورة كبيرة جراء الشلل العنكبوتي، حيث تسببت في تعطل صفقات استيراد وتصدير البضائع التي يتم إبرامها عن طريق الشبكة الدولية، وتسبب ذلك الموت المفاجئ في خسائر فادحة للمصانع التي تعتمد على تنفيذ عقودها عن طريق الانترنت والتي أصابت المصانع بالشلل الجزئي بسبب عدم قدرتها على استيراد المواد الخام اللازمة للقيام بتسليم عقودها المبرمة بينها وبين المستوردين مما ترتب عليه دفع غرامات بسبب عدم الالتزام بالمواعيد المحددة لتسليم الصفقات .

ثقافة النت

وحول ضعف حجم التجارة الالكترونية في العالم العربي، والتي وصلت في دول الخليج إلى 9 مليارات دولار وهي تمثل واحد في المائة من حجم التجارة الالكترونية في العالم البالغة 9.2 تريليون دولار في حين أن التجارة الالكترونية في بقية الدول العربية غير الخليجية لم تتجاوز مليار دولار في عام 2006، عزا الدكتور حمدي عبد العظيم ذلك الضعف إلى عدم انتشار ثقافة استخدام الانترنت الصحيحة، مؤكدا أن معظم الشباب يستخدمون الانترنت في "الشات" ومواقع الغير ذات النفع والغير مجدية اقتصاديا، وأشار إلى أن العامل الثاني المتسبب أيضا في تلك الأرقام المتدنية هو تدنى نسبة السكان الذين يمتلكون جهاز كمبيوتر مقارنة بالعدد الإجمالي للسكان في الوطن العربي.

وفيما بتعلق بالشأن الخليجي ومستقبل "سوق الخليج نت" ذلك المشروع الذي سعت دول مجلس التعاون الخليجي لتنفيذه منذ أربعة أعوام وهو عبارة عن سوق خليجي الكتروني مشترك، قال أن تعطل الانترنت لن يؤثر في اتخاذ القرار بشأن تدشين ذلك السوق، وأكد أن هناك دراسات تتم بمعرفة مجلس الوحدة الاقتصادية للتعجيل به وأشار إلى أن "سوق الخليج نت" سيري النور عند اكتمال الدراسات التي تتم حوله من قبل مجلس الوحدة الاقتصادية، مؤكدا أن ذلك السوق لن يكون مرهونا بأن يري النور بسبب التخوف في المستقبل القريب من حدوث انقطاعات للانترنت مماثلة في المستقبل .

الفاتورة الاقتصادية

وعن الفاتورة الاقتصادية بالنسبة لمصر نتيجة التوقف الذي أصاب شبكة الانترنت ذكر الدكتور حمدي أنه حتى هذه اللحظة لا توجد تقديرات رسمية حول الخسائر جراء انقطاع الانترنت ولكنه أشار في هذا الصدد إلى أنه من خلال تحديد أولي لحجم الخسائر فإن الفاتورة الاقتصادية بلغت نحو 500 مليون دولار خلال العشرة أيام الماضية مؤكدا أن قطاع البنوك كان من أشد القطاعات تأثرا بتلك الخسائر حيث تكبد ما يربو على الـ 50 مليون دولار وذلك خلال نفس الفترة .

وأضاف أن تأثير السكتة الالكترونية التي أصابت مصر أثرت على قطاع حيوي مهم وهو سوق الأوراق المالية، وذلك بسبب الاعتماد على التداول الالكتروني في الكثير من الصفقات المالية في البورصة، فهناك شركات سمسرة ومحافظ استثمارية تعتمد على التداول الالكتروني حيث تتعامل شركات السمسرة مع شركات مناظرة بالإضافة إلى أن الأغلب من تنفيذ عمليات الشراء والمضاربة تتم عن طريق الانترنت مؤكدا أن تكبد أسواق المال والعملات والسلع في السوق المحلي ونظيره العربي والعالمي خسائر بسبب وجود محافظ يتم التداول عليها في بورصة لندن، متسائلا كيف يتابع المساهمين في البورصة الأسواق أثناء انقطاع الخدمة عن الشبكة المحلية وتنفيذ عمليات البيع والشراء أثناء فترة التداول؟ .

وشدد الدكتور عبد العظيم إلى ضرورة وجود إجراءات وقائية لمنع انقطاع خدمة الانترنت مرة أخري وطالب بضرورة وجود تأمين حول الكابلات النقالة لخدمة الانترنت الموجودة في المياه الإقليمية، مشيرا إلى أهمية نشر حراسات خاصة تكون مهمتها حراسة تلك الكابلات من أي عملية تخريب معتمدة أو غير مقصودة.

" جدية التعاملات "

من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حسونة إن تأثير تلك الحوادث على جدية التعاملات الالكترونية لا تذكر بسبب تعدد مزايا الانترنت التي توفر المال والإجراءات في مجال إنهاء الصفقات التجارية، ولكنه أشار إلى أن تكرار حوادث انقطاع الانترنت أكثر من مرة سيؤدي بالتدريج إلى انعدام الثقة في التعاملات الالكترونية وسيتم حينها اللجوء إلى الأساليب القديمة في إنهاء الصفقات التجارية عن طريق الفاكسات وما شابه ذلك.

وشدد على أهمية الانترنت في الوقت الحالي وضرب مثلا أنه عند القيام بشراء أي منتج، ما على المشتري إلا القيام بعمل بحث عن المنتج على الانترنت وحينها سيظهر له مئات النتائج حول متوسط الأسعار والأماكن التي تقوم ببيعه وبذلك فقد وفر على نفسه الكثير من الجهد والمال.

وحول انخفاض نسبة التجارة الالكترونية في العالم العربي أشار إلى أن تلك النسبة طبيعية ولا تمثل أي نسبة تدني مقارنة بالنسبة المسجلة عالميا وعزا ذلك إلى سببين الأول هو أن انتشار الانترنت في العالم العربي لم يتعدى سنوات قليلة مقارنة بانتشاره في العالم، والسبب الثاني عدم انتشار ثقافة الانترنت بصورة تأهل الدول العربية إلى منافسة الدول العالمية في مجال التجارة الالكترونية، مؤكدا أن الغرب يستخدم الانترنت فيما يفيده ويضيف إليه من رصيده أما الدول العربية فثقافة الانترنت لا تنتشر بها بالصورة التي تؤلها إلى ارتفاع حجم التجارة الالكترونية وازدهارها.

ورفض الدكتور محمد حسوبة تحديد رقم أولى لحجم الخسائر مشيرا إلى أنها تحتاج إلى تدقيق وبحث خاصة وأن معظم تعاملات التجارة الالكترونية في المنطقة تقوده الشركات العاملة في قطاع السيارات وتقنية المعلومات والاتصالات والقطاعات الأخرى المشابهة وبالتالي فالخسائر موجودة ولا يمكن إنكارها.

وبالنسبة إلى الإجراءات المفروض إتباعها لمنع حدوث تكرار قطع كوابل الانترنت أشار إلى أنه عند التعرف على السبب وراء العطل الذي أصاب الكوابل سيمكن تلاشي مثل هذه الحوادث، مضيفا أن ذلك سيتم داخل إطار عمل دراسات موضوعية لمعرفة أسباب القطع. واشار الى انه على سبيل المثال فأنه عند ثبوت أن قطع الكوابل ناجم عن مرور سفينة كانت تجر خطافها المتدلي إلى قاع البحر، فيمكن معالجة ذلك بتغير مسار السفن من مسار الكوابل.

وأشار إلى أن التقارير الصحفية التي تشير إلى أن قطع الكوابل جاء تمهيدا لضرب إيران أكد أنه في تلك الحالة لا نستطيع حماية الكوابل من أي هجمات محتلمة مرة أخري.

ويرى الخبير الاقتصادي مدير عام شركة الأهلي لتداول الأوراق المالية عيسى فتحي إن العطل الذي أصاب مؤخرا شبكة الانترنت على مستوى بعض مناطق العالم لم يؤثر فقط في مجال التجارة الإلكترونية والتداول في البورصات عبر المواقع الإلكترونية، بل تضررت أيضاً قطاعات أخرى مثل قطاع البنوك وشركات عديدة فضلاً عن التراجع الذي شاب عمليات الحجز في خطوط الطيران والفنادق.

وأشار إلى أن الأرصدة قد جمدت جراء انقطاع الصلة ما بين المراكز البنكية العربية ونظيراتها العالمية والغربية و لم يعد تصفح الشبكة العنكبوتية ممكناً و عميّت الاتصالات لا سيما هواتف المحمول بعدد من دول الخليج و على رأسها الإمارات العربية المتحدة ، واتضح لاحقاً أن السبب كان قطع عدد من الكابلات المحورية الخاصة بالاتصالات للمنطقة ككل والتي تمتد من جنوب أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط فقناة السويس.

وذكر عيسى فتحى أن العديد من الشركات اليوم تعمل عبر شبكة من المكاتب في أنحاء العالم ، فضلاً عن شركات المقاولات التي تدير أعمال البرمجة والمحاسبة والتصميم من خلال موظفيها ووكلائها ومكاتبها حول العالم، وشركات التصنيع التي تتوزع عمليات إنتاج وتصنيع أجزاء منتجاتها حول العالم تبعا للأجور وتوفر المواد الخام.

ومن ناحيته وتعقيباً على كلام عيسى فتحي قال باسم علي مصطفى مسئول في الشركة المصرية للاتصالات إنه من الواضح أن انقطاع الإنترنت خلال الأيام الماضية قد أثر بدوره على التداولات داخل البورصات العربية خاصة وأن نسبة التداول من خلال المواقع الإلكترونية للتداول تبلغ نسبتها زهاء الـ 25% من إجمالي التداولات خاصة وأن الكثير من المستثمرين يستعينون بالإنترنت لقراءة النشرات التوجيهية والأخبار الخاصة بالشركات.