اخلاقيات العمل في اساسيات الادارة

لقد قادت العولمة الى زيادة الاهتمام باخلاقيات الاعمال غير ان المديرين وهم يعملون في ظل بيئة تنافسية يواجهون تحديات كثيرة، ولكي يكون سلوكهم اخلاقيا في اداء الاعمال (في اطار تلك التحديات) يتوقع ان يمتلكوا تصورا جيدا عما تعنيه الاخلاقيات (في مجال الاعمال لاسيما ان هذا الموضوع يعد من الموضوعات ذات الاهمية في بيئة الاعمال العالمية التي جعلت المزايا التنافسية اساسا في صناعة واتخاذ القرارات.





مما تقدم يمكن القول ان اخلاقيات الاعمال وحرية الاعلام (في الدول ذات الانظمة السياسية الديمقراطية) تعدان سلاحا فعالا لمحاربة الفساد والكشف عن مكامنه وأسبابه اذ لا يخلو اي مجتمع مهما كانت طبيعة نظامه من مشكلات الفساد وانعدام الشفافية والمساءلة كما ولا توجد ثقافة تدعي ان لها سلوكا يحصنها من تلك المشكلات او يمكن ان تطبق وصفة لها مفعول السحر للحد من الفساد وتقليل الناتج من الخسائر عن ظاهرة غياب الشفافية وتواري قيم الصدق والامانة والعمل الجاد.
والاخلاقيات هي الادوات التي يعبر بها الفرد عن قيمه وايديولوجيته ويبرز الجانب اللا أخلاقي بظهور الصراع بين قيمتين او اكثر، وعلى الرغم من توافر الحس الاخلاقي نحو ماهو صحيح وما هو خاطئ (لدى معظم الافراد ومنهم المديرون)، تبرز المشكلة لدى معظم المديرين في اهتمامهم بالقيم والاخلاق على المستوى الشخصي، وفشلهم احيانا في تطبيقها في حياتهم المهنية (لاسيما في المواقف ذات الطبيعة الكارثية او الازموية).
وتتأثر السلوكيات الاخلاقية للفرد بتغيرات البيئة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك بالمواقف المنظمية وتجارب الفرد الشخصية لاسيما في ظل الاقتصاد العالمي الذي برز فيه التباين في قيم واخلاقيات الافراد ممن يعملون على وفق منهج الشراكة، وهذا مازاد الحاجة الى وجوب ادراك الافراد ان القيم والاخلاقيات التي تسودان في ثقافة مجتمع ما تختلفان عن نظيراتها في المجتمعات الاخرى.
الأخلاق وتطورها في العمل الاداري
غاية كل فرد ان تصنف سلوكياته وأفعاله على انها اخلاقية وهذا يؤكد ان الاخلاقيات في العمل قديمة قدم الانسان نفسه، فقد احتوت شريعة حمورابي على (282) مئتين واثنتين وثمانين مادة قانونية شرعة في احقاق الحق وارشاد الحكام في تطبيق الاحكام على افراد المجتمع كما وعرف عن قدماء الفراعنة المصريين تمسكهم بمبادئ الادارة واعراف المهنة.
وتعد الثقة المتبادلة بين الادارة والعاملين من الاخلاقيات التي تتيح للمنظمة ان تهيئ المناخ المواتي للارتقاء بمستويات الانتاج مع مراعاة ان هذه الثقة يجسدها اتجاهان احدهما ثقة العاملين بعدالة الادارة وسلوكياتها اما الاخر فهو ثقة الادارة بقدرة العاملين على اداء المهام بالشكل المطلوب وحينها سترتفع معنويات العاملين وتتمكن الادارة من كسب رضاهم عن العمل.
وقد تترجم اخلاقيات المهن في بعض المنظمات بصورة سلوكيات (تقاضي الرشاوى والفساد الاداري وغسيل الاموال وانتاج السلع السيئة الصنع...) كما في دول الصين وتايوان وتايلند التي برزت فيها عمليات سرقة حقوق صناعات اخرى وتقليد العلامات التجارية ووضعها علامة على سلع رديئة الصنع، ومن الامثلة على السلوك الاناني ما حدث في شركة (Manville) الاميركية العملاقة لانتاج الاسبست إذ كان (80%) من اسهمها يملكه المستثمرون العام (1989).
علمت الوحدة الصحية في الشركة بأن استنشاق جسيمات الاسبست كانت سببا رئيسا في امراض الرئة المميتة فقرر مديرو الشركة اخفاء هذه المعلومة عن المساهمين والعاملين المصابين بالمرض بدل اتخاذ الخطوة الكفيلة بمعالجتها وتهيئة مناخ عمل آمن لإنتاج الاسبست وحماية العاملين وذلك بعد ان علموا بأن كلفة تحسين ظروف العمل اكثر من كلفة التأمين الصحية للعاملين المعرضين للاصابة بالمرض على الرغم من ان القرار قاد الى معاناة العديد من الافراد والتسبب بموتهم وبني على وفق معايير اقتصادية من دون الاقتداء بالمعايير الاخلاقية. لقد اقتنع المديرون انهم اتخذوا قرارا اداريا رشيدا على اسس اقتصادية ولم يدخل الجانب الاخلاقي في الحسابات وهنا نلاحظ مدى احتواء القرار الاداري على محتويات اخلاقية.